الجلد: ذلك الدّرع الواقي ـ الجزء الأول

هل الجلد عضو من أعضاء الجسم البشري؟ قد لا يكون المرء معتادا على أن ينظر إلى الجلد على أنه عضو. غير أن الجلد هو إحدى الوحدات المهمة في الجسم. ومع أن الجلد ليس في مثل سمك الأعضاء الهامة الأخرى، فإن جلد الإنسان البالغ المتوسط، يغطي ما مقداره أكثر من 3000 بوصة مربعة من المنطقة السطحية، ووزن الجلد يبلغ ستة باوندات ( الباوند = 453 غراماً ). وهو من حيث وزنه يبلغ مثلي وزن الكبد أو الدماغ. والجلد يتلقى ثلث كمية الدم الدائر في الجسم جميعاً.

إن للجلد عددا من الوظائف الهامة. ومن هذه الوظائف حماية الجسم من غزو البكتيريا، وضد إصابة الأنسجة الأكثر حساسية داخل الجسم، ومن أشعة الشمس، وضد فقدان الرطوبة.

 

كما أن الجلد يعمل كجهاز للإحساس للجملة العصبية. وإذا استطعنا أن نرى ما مساحته بوصة مربعة واحدة من الجلد تحت المجهر، لوجدنا فيها ما طوله حوالي اثنين وسبعين قدما من الأعصاب، ولاستطعنا أيضاً أن نعد مئات من مستقبلات الألم والبرد.

 

ثم إن الجلد يؤدي وظيفة أخرى ألا وهي تنظيم درجة الحرارة. فهذه البوصة المربعة من الجلد تحتوي أيضا على ما يبلغ طوله حوالي خمسة عشر قدما ( القدم = 30.5 سنتيمترا ) من الأوعية الدموية التي تتسع أو تكبر عندما يكون الجسم في حاجة للتخلص من الحرارة. والأوعية الدموية أيضا تتقبض أو تضييق عندما ينبغي للجسم أن يخفض مقدار فقده الحرارة عبر الجلد.

 

وعندما يصبح الهواء المحيط بالجسم دافئا نسبيا، فإن الجلد يبرد بالرطوبة التي تفرزها الغدد العرقية. حيث يوجد على سطح الجسم حوالي مليوني غدة عرقية. وأكبر تركيز لهذه الغدد هو على راحتي اليدين وأخمص القدمين. ويجري التحكم بغدد التعرق من قبل منظم الحرارة في الدماغ. والرطوبة التي تفرزها غدد العرق تبرد الجسم بالتبخر.

 

ومن وظائف الجلد التي يلجأ إليها الأطباء أحياناً قدرته على امتصاص أدوية معينة. إن وضع شيء من المواد الكيميائية على الجلد، تمكن ملاحظة وجوده في اللعاب بعد ذلك بعشرين دقيقة. وهذه المواد الكيميائية تدخل إلى الجسم عبر الجريبات أو الحفر التي ينمو فيها الشعر.

 

إن سطح الجلد قد يبدو أملس لعين الناظر، ولكن إذا ما فحص الإنسان الجلد تحت عدسة مكبّرة، فإنه يحصي مرتفعات ومنخفضات كالأدوية لا حصر لها. كما أن الإنسان يستطيع أن يرى أشكالا مختلفة للنسيج الجلدي على اليد ومؤخرة الرأس.

 

إن الجلد بشكل عام ناعم الملمس ومرن. وهو عند الصغار أكثر مرونة منه عند الكبار. ويختلف سمكه بين 1 على 50 من البوصة على الجفنين إلى 1 على 3 من البوصة على الراحتين وأخمص القدمين.

 

يتكون الجلد من ثلاث طبقات:

وهنالك ثلاث طبقات من النسيج هي التي يتشكل منها الجلد وهي البشرة (Epidermis) والأدمة (Dermis) وتحت الجلدي (Subcutaneous). والطبقة تحت الجلدية تحتوي على كثير من الفصوص الصغيرة الدهنية والأوعية الدموية والأعصاب. وهي تربط طبقة الأدمة أو الطبقة الوسطى من هذه الطبقات الثلاث، بالنسيج الذي يغطي العضلات والعظام.

 

وعندما يكبر الناس في السن يتم امتصاص النسيج الدهني مما يسبب تغضن طبقات الجلد الخارجية أو طياته. ومن ثم ظهور التجاعيد.

 

إن الأدمة وتدعى أحيانا "الجلد الصحيح" يختلف سمكها باختلاف أجزاء الجسم وهي تحتوي على الأوعية الدموية والأعصاب والمستقبلات العصبية وجريبات الشعر وغدد العرق والغدد الدهنية.

 

إن النتوءات على سطوح أطراف الأصابع توجد أشكالا نسميها بصمات. وهناك نتوءات مماثلة لها على أخمص القدمين. ولما كان من غير المحتمل أن تشابه بصمات أصابع شخصين من الناس تشابها تاما، فإن بصمات الأصابع تستخدم للتعرف على المشبوهين. كما تستخدم في المستشفيات للتعرف إلى الرضع. ونسبة تشابه بصمات الأصابع عند شخصين تساوي 24 في الألف مليون.

 

أما الطبقة العليا للبشرة فهي مؤلفة من قشور ليست في الحقيقة إلا خلايا جلدية ميتة. وهي تتقشر تدريجيا أو تتسلخ لدى رطوبتها. وهذه الطبقة العليا أو القرنية يتم الاستعاضة عنها باستمرار وتدفع إلى أعلى لدى تشكل خلايا جديدة في البشرة التي تليها. ولدى صعود خلايا الجلد نحو السطح تصلب المادة الحية الأساسية (البروتوبلازما protoplasma).

 

الدكتور عبد الله بن محمد العيسى

استشاري أمراض طب وجراحة الجلد والعلاج بالليزر