حلول حديثة لمرضى الندبات التالية لحب الشباب

كانت وما تزال الندبات التالية لحب الشباب من أكثر الحالات الجلدية التي تشكل بحد ذاتها معضلة لدى الكثير من المرضى وأطباء الجلد أنفسهم.

يمكن تقسيم هذه الندبات بشكل عام لعدة أشكال: الحفر بشكل تنقرات Ice-pick Scars والحفر مستديرة الحواف Rolling Scars والحفر المشابهة للندبات الناجمة عن جدري الماء Boxcar Scars.

إن الحفر بشكل تنقرات هي حفر ضيقة وعميقة وذات حواف حادة وتعتبر أصعب أشكال حفر حب الشباب علاجاً وعادة ما تتطلب إجراءات علاجية عميقة التأثير .

أما الحفر مستديرة الحواف فيكون الجلد فيها طبيعياً ولكنها تبدو بشكل إنخفاض تدريجي تحت مستوى الجلد الأصلي، وهي عادة عريضة وتعتبر الأسهل علاجاً بين أنواع حفر حب الشباب. أما الحفر المشابهة لآثار جدري الماء فهي وسط بين النوعين السابقين حيث أنها عريضة ولكن انحدار الحفرة مفاجئ وعميق.

 

إن الحلول المتوفرة وإلى زمن غير بعيد كانت قليلة أو على الأصح لا تفي بالغرض المطلوب، فمثلاً تقشير الجلد الكيميائي محفوف بالعديد من المخاطر والمضاعفات، وأقصد بها طبعاً التصبغات التالية للتقشير والتي تعتبر كثيرة الشيوع خاصة في ألوان الجلد التي تتعامل معها في منطقة الشرق الأوسط. وأعتقد أن الإجراءات الأكثر شيوعاً هي عملية سنفرة الجلد Microdermabrasion وعملية ليزر الإيربيوم وأعني عملية إزالة الطبقة السطحية للجلد ومحاولة الإقلال من عمق وحجم لتلك الندبات. لكن العقبات التي كانت تعترض طريقنا هي عملية الالتئام التالية لليزر الإيربيوم والتي كانت تمتد حتى 6 أسابيع أحياناً، مع إمكانية حدوث تبدلات في اللون سواء في زيادته أو نقصه، والتي كانت كثيراً ما تدفعنا إلى التريث في اختيار المريض الملائم. عدا أن ابتعاد المريض عن عمله تلك المدة الزمنية الطويلة أمرٌ غير مرغوب به.

 

اليوم تبدل الحال وأعتقد أن وجود تقنية الفراكشنال ليزر الحديثة وأقصد بها مجموعة من أجهزة الليزر المتوفرة في الأسواق هذه الأيام ومنها بالتحديد " ليزر الأفيرم " الذي أصبح متوفراً الآن في ( عيادات ديرما ) قد أحدثت تبدلاً ملحوظاً وثورة حقيقية في علاج الندبات التالية لحب الشباب إننا بالطبع لا نتكلم عن إزالة تامة لتلك الندبات ولكننا نتكلم عن تحسّن معقول و مُرضٍ عند العديد من المرضى، والنقطة الأهم في الموضوع كله هو أن المريض يستطيع مزاولة عمله ربما في اليوم الثاني أو الثالث بعد إجراء الجلسة العلاجية، وهذا بحد ذاته إنجاز حسن جداً. إضافة أن التبدلات اللونية المرافقة لهذا النوع من الليزر هي قليلة جداً إذا ما قورنت بأجهزة الليزر السابقة، وأقصد بها ليزر سنفرة الجلد ( الإيربيوم ) Erbium Laser .

 

وتكمن الأهمية البالغة في هذا النوع من الليزر أنه لا يؤدي إلى تقشير الوجه، حيث يستهدف هذا الليزر الماء الموجود ضمن الجلد، وتتلخص آلية عمل ليرز " الأفيرم " بإطلاق حزمة ضوئية تخترق الجلد على شكل أعمدة مما يؤدي إلى إحداث بؤر حرارية مجهرية صغيرة Microthermal Zones ( MTZ )، وهذه البؤر الحرارية تحفّز الجلد إلى إعادة تكوين الكولاجين ومن ثم تحسين الندبات التالية لحب الشباب وشد البشرة أيضاً، ومن ميزات جهاز الأفيرم المتوفر في ( عيادات ديرما ) أن المعالجة بهذا النوع من الليزر لا تحتاج بوضع صبغة زرقاء على الجلد أو تخدير موضعي كما أن العلاج به أسرع بكثير من الأجهزة الأخرى حيث تحتاج الجلسة العلاجية إلى تمرير لمرة أو مرتين فقط على الجلد مقارنة بالأجهزة الأخرى التي تحتاج من 8 – 10 مرات في الجلسة الواحدة وفي معظم الأحيان لا يحتاج الأمر لتطبيق أي كريم مخدّر موضعي، في حين أن بعض الأجهزة الأخرى يحتاج الأمر لوضع مخدر موضعي بتركيز عال ولمدة 45 – 60 دقيقة قبل إجراء الجلسة.

 

إن النتائج المتوقعة من هذا النوع من الليزر هي تراكمية وتدريجية. أي أنها تزداد مع عدد الجلسات ومرور الوقت، وبالتالي فمن غير المتوقع أن يشاهد المريض النتيجة بعد الجلسة الأولى، وعادة ما تكون النتيجة النهائية ملحوظة بعد 2 – 6 أشهر من إجراء الجلسة الأخيرة.

 

والجدير بالذكر أن هذا النوع من الليزر يحتاج عادة إلى أربع جلسات بفاصل شهر تقريباً بين الجلسة والأخرى.

 

وختاماً: يجب التنويه أن النتائج المتوقعة هي نتائج مرضية إذا تم شرح وافٍ وكافٍ عن هذا الجهاز وطبيعة عمله والتوقعات من هذا النوع من العلاج.

 

ويبقى اختيار المريض المناسب للعلاج بهذا النوع من الليزر والتفاهم بين الطبيب والمريض ركنان أساسيان في دعم مسيرة إنجاح هذا النوع من العلاج.

 

وفي جميع الأحوال لا نتوقع مطلقاً إزالة تامة للندبات وإنما تحسين وتصغير في الحجم والعمق.

 

 

د. عبد الله بن إبراهيم السماري

استشاري أمراض وجراحة الجلد والعلاج بالليزر