الشاي الأخضر: تأخير لشيخوخة الجلد وتأثير مضاد للسرطان

الدكتور عبدالله بن محمد العيسى

 

لو نظرت في وجه الصينيين واليابانيين لوجدت نسبة الإصابة بتجاعيد الوجه قليلة جداً، فابن الستين يخيّل إليك أنه ابن الثلاثين، وهذه حقيقة تستطيع أن تستكشفها بنفسك. ولا ريب أن انخفاض نسبة سرطانات الجلد والقولون في الصين، ذلك البلد الأكثر استهلاكا في العالم للشاي الأخضر أقل بكثير من نسبة حدوث سرطانات الجلد والقولون في البلدان الأخرى. 

وفيما يلي سنقوم بإيجاز نتائج الدراسات المجراة عن الشاي الأخضر ، كعلاج وقائي ، شاف ، ومضاد للشيخوخة مع مناقشة الآليات الممكنة عن طريقة عمله .

لقد ازداد في السنوات الأخيرة حدوث سرطانات الجلد حيث تجاوزت في عام 2003م سرطانات الجلد المليون حالة في الولايات المتحدة الأمريكية . وبما أن معظم هذه السرطانات تحدث بشكل تال للتعرض للأشعة فوق البنفسجية والتي يمكن الوقاية منها ، فقد توجهت الأبحاث لحماية الجلد من أشعة الشمس باستعمال مشتقات نباتية وتحديداً الجزء عديد الفينول الموجود في الشاي الأخضر . لقد وجد في دراسات أجريت على الفئران بأن تطبيق  الشاي الأخضر موضعياً يقوم بتثبيط مرحلتين كيميائيتين من مراحل تشكل السرطان ، كما يقوم الشاي الأخضر بمنع التسرطن في أعضاء داخلية أخرى مثل الكولون والمعدة والبنكرياس والبروستات والرئتين لدى شربه . ولقد أوضحت الدراسات أيضاً أن مركبات الفينولين الموجودة في الشاي الأخضر تؤخر الشيخوخة وتساعد على شفاء الجروح. إضافة إلى إمكانية استخدام الشاي الأخضر كمضاد للالتهاب. والآلية الدقيقة في ذلك أن مركبات الفينول الموجودة في الشاي الأخضر تقوم بتعديل الجذور الأوكسجينية الحرة.

وما يميز الشاي الأخضر عن الشاي الأسود بأن الأول يحتوي على مواد مضادة للأكسدة أكثر كما أن طريقة تصنيعه مختلفة. حيث يتم الحفاظ على هذه المواد أثناء التصنيع بينما يفقدها الشاي الأسود، وقد يكون هذا سبباً في انخفاض نسبة تسرطن الجلد والقولون في الصين الأكثر استهلاكاً للشاي الأخضر في العالم.

لقد ورد في إحدى الدراسات أن تطبيق خلاصة الشاي الأخضر على جلد الإنسان قبل تعرضه لأشعة الشمس أدى لتأخير حدوث الحرق الناجم عن أشعة الشمس وتخفيفه .

ومن المعلوم أن أشعة الشمس بما تحوي من أشعة فوق بنفسجية مختلفة الأطياف تتدخل في عملية انقسام الخلايا كما أنها تؤدي لإطلاق مركبات مؤكسدة وجذور أكسجينية حرة ، وتؤدي هذه العوامل مجتمعة لحدوث خلل في انقسام أو تكاثر الخلايا والذي قد يظهر مع الوقت إما بشكل التهاب أو أمراض ما قبل سرطانية أو حتى سرطان جلدي .

يقوم الشاي الأخضر بما يحتويه من خلاصات بتعديل كل هذه التأثيرات المضادة لأشعة الشمس خاصة عندما يتم تطبيقه بشكل موضعي حيث يلعب دور مضاد أكسدة فعال ، كما يقوم بتعديل الانقسام الخلوي الخاطئ الناجم عن الأشعة فوق البنفسجية من خلال مساعدته على إطلاق إشارات إصلاح في التكاثر الخلوي ضمن خلايا الجلد ، كما يثبط الاستجابات الالتهابية ضمن الجلد وينشط الجينات المسؤولة عن منع حدوث التكاثر السرطاني .

وبما أن خلاصة الشاي الأخضر تقوم بتعديل الجذور الأكسجينية الحرة المؤكسدة الناجمة عن التعرض لأشعة الشمس ( الأشعة فوق البنفسجية ) فإنه يقي من الانقسام الخاطئ للخلايا ومن العمليات الالتهابية الضارة واللذان يؤديان لحدوث ليس فقد أمراض سرطانية ولكن أيضاً قد يؤديان إلى شيخوخة مبكرة بالبشرة . ولا تقتصر تأثيرات الشاي الأخضر على البشرة أو الطبقة السطحية من الجلد بل يتعداها إلى الطبقة العميقة " الأدمة " حيث أنه يمنع الخمائر الهاضمة الموجودة في هذه الطبقة من القيام بتأثيراتها الضارة على ألياف الكولاجين وعادة ما تتنشط هذه الخمائر ( الكولاجيناز) بعد التعرض لفترة طويلة لأشعة الشمس .

يبقى لدينا أن خلاصة الشاي الأخضر غير ثابتة وتتأكسد بسهولة لدى تعرضها للهواء إذا أردنا تطبيقها موضعياً وهذا يعني أنه يجب تطبيقها مباشرة بعد التصنيع. ومن هنا تكمن الصعوبة في تصنيع مركبات الشاي الأخضر موضعياً، إضافة إلى أن امتصاص هذه المواد عن طريق الجلد عادة ما تكون قليلة وهذان الأمران هما اللذان دفعا الشركات المصنعة إلى التريث والإبطاء في عملية تصنيع الشاي الأخضر موضعياً.

وفي الختام أذكركم أن شرب كميات قليلة من الشاي الأخضر يومياً لا تجد نفعاً وحتى تكون الفائدة قصوى يجب شرب الشاي الأخضر بكميات كبيرة لا تقل عن ثلث اللتر يومياً.

الدكتور عبد الله محمد العيسى

استشاري أمراض طب وجراحة الجلد والعلاج بالليزر