الإكزيمــــــا

الدكتور عمر بن عبدالعزيز آل الشيخ

أمين عام رابطة أطباء الجلد العرب

نوفمبر 2008م - فبراير 2013م 

 

الإكزيما  ( Eczema ) هي عبارة عن التهاب جلدي غير ناتج عن عدوى، أي لا يسببه أي ميكروب مثل البكتريا أو الفيروس أو غيره من الميكروبات.  ونسبة الإصابة بها متساوية في الجنسين.  وقد تظهر في جميع الأعمار منذ الأسابيع الأولى بعد الولادة، وهذا يحدث في أغلب الأحيان،  وحتى سن متأخرة.   الإكزيما قد تكون حادة أو مزمنة، ومن أهم أعراضها ظهور طفح أحمر مع بثور وفقاعات صغيرة مصحوبة بحكة شديدة.

تعتبر الإكزيما من أكثر الأمراض الجلدية انتشارا - ليس فقط لدينا في المملكة - بل في جميع أنحاء العالم، وتشكل حوالي 20% من الأمراض الجلدية.

 

وعلى الرغم من أن الشكل الظاهر والطفح لجميع أنواع الإكزيما واحد، إلا أن هناك أسباب مختلفة لظهور هذه الإكزيما.

 

ومـن أهـم أنـواع الإكزيمـا:

أولا:  حساسيـة الجلـد لــدى الأطفــال ( Atopic Eczema )، وعادة تبدأ في الشهور الأولى من العمر، وقد تظهر في وقت متأخر في السنة الأولى أو الثانية أو حتى بشكل أقل بعد سن البلوغ، وهي عبارة عن احمرار وبثور تصيب عادة الخدين والرقبة والرأس مصحوبة بحكة شديدة،  كما نجد عادة في حوالي 75% من الحالات أن لدى الأطفال أنفسهم أو أحـد أفـراد العائلـة أنواع أخرى مـن الحساسية مثل حساسية الصـدر أو الأنف ( Allergic Rhinitis ) (Allergic Asthma).

 

وقد يلعب العامل الوراثي دورا في الإصابة بهذا المرض ولكن ليس بالمعنى المعروف وهو أن يرث الطفل أو الطفلة المرض عن أبيه أو أمه، وإنما يكون هناك استعدادا عائليا أكثر للإصابة بهذا المرض مثله مثل أمراض أخرى كمرض السكر أو ضغط الدم وأمراض تصلب الشرايين.

 

العلاجات المختلفة متوفرة ولكننا نعول كثيرا على الناحية التثقيفية للوالدين عن هذا المرض ومسبباته والطرق السليمة التي تساعد على التخلص منه مثل استعمال مرطبات البشرة باستمرار وحتى بعد زوال الإكزيما لكي نضمن عدم عودتها بإذن الله تعالى.

 

أما بالنسبة لتطور هذا النوع من الإكزيما ( Atopic Eczema )، فإن الغالبية العظمى من المرضى ( حوالي 85% ) يشفون تماما وتزول جميع الأعراض قبل أو عند سن البلوغ.

 

ثانيا:  وهناك نـوع آخـر مـن الإكزيمـا، وهي حساسيـة الإكزيما التلامسيـة ( Allergic Contact Dermatitis )، وهي ناتجة عن تلامس الشخص بأي مادة قد تسبب له حساسية مثل بعض المواد الكيميائية والأدوية خصوصا الموضعية منها، بالإضافة إلى بعض النباتات.  أما تشخيص هذا النوع من الإكزيما فهو يتم عن طريق إجراء اختبار خاص للحساسية على الجلد  (Patch Test)، وعن طريقه يستطيع الطبيب المعالج معرفة المادة المسببة.  وأهم خطوات العلاج تكمن في تجنب هذه المواد قدر الإمكان، إضافة إلى استعمال الأدوية الموضعية أو عن طريق الفم وذلك حسب الحالة.

 

وحساسية الإكزيما التلامسية من أكثر أنواع الإكزيما انتشارا، وتصيب شريحة كبيرة من الناس، فعلى سبيل المثال هناك كثير من السيدات يعانين من حساسية النيكيل ( Nickel )، وهذه المادة تستعمل في صناعة الكثير من المصاغات وخصوصا الإكسسوارات، ولذلك نجد عادة عند هؤلاء السيدات اللواتي يعانين من حساسية النيكل التهاب وطفح جلدي مع احمرار وحكة في الأماكن من الجسم التي يحدث بها تلامس مع هذه المصاغات مثل الرقبة، الأذنين، الذراعين … الخ.

 

ثالثا:  إضافة إلى الأنواع التي ذكرناها هناك أيضا الإكزيما الدهنية (Seborrheic Eczema) وهي عبارة عن احمرار في الجلد مغطى بقشرة خفيفة، وتظهر عادة في مناطق الجسم الغنية بالغدد الدهنية مثل الوجه والصدر وفروة الرأس.  وعادة يعاني المرضى بالإكزيما الدهنية من تزايد ملحوظ في قشرة الرأس.  أما بالنسبة للعلاج فهناك أدوية وشامبوهات فعالة للمساعدة على التخلص منها وذلك بعد استشارة طبيب الأمراض الجلدية.

 

أما بالنسبة لارتفاع درجة الحرارة في الصيف فإن لها أثرا سلبيا على بعض أنواع الإكزيما وخاصة الإكزيما التلامسية الناتجة عن احتكاك بعض أجزاء الجسم ببعضها مثل الإبطين، الفخذين، الرقبة، منطقة البطن.

 

أما علاقة تناول بعض الأطعمة بالإكزيما عموما، ففي اعتقادي بأن هذا الموضوع مبالغ فيه لدى كثير من الناس.  فالواقع أن هناك تأثير سلبي من تناول بعض الأطعمة وعلى نوع من أنواع الإكزيما وهي إكزيما أو حساسية الجلد لدى الأطفال ( Atopic Eczema ) وفي نسبة لا تتجاوز 3 إلى 4 % من الحالات، بمعنى أن كل مائة حالة قد يظهر في 3 إلى 4 حالات منها ازدياد الإكزيما بعد تناول أطعمة معينة.  ونحن دائما نشعر والدي الطفل في حالة الشك في أي نوع من الطعام أن يتجنبوه لمدة أسبوع أو أسبوعين، فان لم تتحسن حالة الجلد فهو أكبر دليل على أنه لا علاقة للطعام بتدهور الحالة المرضية.

 

أما الحقيقة العلمية فهي أن أغلب الطفح الناتج عن حساسية الطعام يختلف عن الإكزيما، وهو غالبا ما يكون طفح شبيه بما يسمى شائعا بالأرتكاريا أي شري، وهذا غالبا يحدث لدى الأطفال الرضع في السنة الأولى من العمر.

 

د. عمر بن عبدالعزيز آل الشيخ

استشاري أمراض وحساسية الجلد

أمين عام رابطة أطباء الجلد العرب

نوفمبر 2008م – فبراير 2013م