اللايشمانيا الجلدية

الدكتور مهند علي الجندي

 

اللايشمانيا الجلدية مرض شائع جدا ومتوطّن في العديد من الدول العربية، خصوصا السعودية والعراق وسورية والأردن والجزائر والسودان، بالإضافة للعديد من الدول الأخرى كإيران وأفغانستان ودول جنوب الاتحاد السوفييتي السابق وجنوب أوروبا وكينيا وأثيوبيا والهند، كما تنتشر اللايشمانيا في أمريكا الجنوبية والوسطى، وتعرف بأسماء محلية تختلف حسب المناطق كحبة حلب وحبة الشرق ودمل بغداد.

تنجم اللايشمانيا عن نوع من الطفيليات وحيد الخلية يدعى طفيلي اللايشمانيا له حوالي عشرين نوعا ممرضا للإنسان، وينتقل إليه من خلال لدغة حشرة تدعى ذبابة الرمل.

 

 

يتراوح طول ذبابة الرمل (المبينة في الشكل المجاور) بين 1.5 و 4 مم، وهي تعيش في الأماكن الدافئة والرطبة كأنفاق القوارض وأعشاش الطيور وشقوق جدران المنازل، وتتغذى الأنثى منها ليلا على دم  بعض الحيوانات كالقوارض والكلاب والثعالب، وأحيانا بشكل عرضي على دم الإنسان، من خلال لدغها الأماكن المكشوفة من الجسم، وينتقل طفيلي اللايشمانيا أثناء عملية اللدغ من لعاب ذبابة الرمل إلى الجلد، حيث يقوم الجهاز المناعي بمهاجمته واحتوائه في الخلايا البالعة.

 

 

إن المصاب باللايشمانيا لا ينقل العدوى إلى الآخرين بشكل مباشر (من خلال اللمس مثلا)، ولكنه يشكل مستودعا للطفيلي الذي يمكن أن يعود من هذا المصاب إلى ذبابة الرمل التي تلدغه، ومن ثم تلدغ الآخرين في الجوار ناقلة لهم العدوى.

 

 

تظهر اللايشمانيا الجلدية على المناطق المكشوفة من الجسم كالوجه والأطراف، وتميل لإصابة الأطفال أكثر من الكبار.  يوجد شكلان رئيسيان لللايشمانيا الجلدية:

 

 

الشكل الرطب:

 

يدعى أيضا الشكل الريفي لتواجده في الأرياف، ويسببه نوع من اللايشمانيا يدعى اللايشمانيا الكبرى.

 

تبدأ أعراضه بعد اللدغة بفترة قصيرة لا تزيد على الشهرين، إذ يظهر اندفاع عقيدي محمر ملتهب على سطح الجلد، تتشكل فوقه قشرة  (انظر الشكل المجاور) ثم يتقرّح، وقد يبلغ قطر الآفة 6 سم . من الشائع ظهور عدة آفات جلدية.

 

 

يحدث الشفاء العفوي في أكثر الحالات خلال ستة شهور تاركا ندبة مكانه.

 

 

الشكل الجاف:

                                                

يدعى أيضا الشكل المدني لانتشاره في المدن، ويسببه نوع من طفيلي اللايشمانيا يدعي اللايشمانيا المدارية.

 

 

تبدأ أعراضه بعد اللدغة بفترة تزيد على الشهرين، إذ يظهر اندفاع عقيدي بني محمر لا يتجاوز قطره 2 سم، وقد يتقرّح أيضا.  تستمر الآفة الجلدية حوالي السنة وتترك ندبة أيضا بعد شفائها، لكن في بعض الحالات قد تدوم سنوات عديدة مع ميل للنكس المتكرر وتكون استجابتها للأدوية ضعيفة عموما.

 

 

المعالجة:

 

تستخدم في الحالات المحدودة معالجات موضعية تضم:

 

المعالجة بتبريد الآفة إلى درجة كافية لقتل الطفيلي . يحتاج المريض عدة معالجات بفاصل ثلاثة أسابيع.

 

حقن مركبات الأنتيموان  (Antimonial compounds) داخل الآفة الجلدية بشكل أسبوعي.

 

تستخدم معالجات أقل شيوعا كحقن محلول ملحي عالي التركيز داخل الآفة، والمعالجة الحرارية بتسخين الآفة وتطبيق مراهم موضعية محددة.

 

تتطلب الحالات المعندة والحالات المشوِّهة كالقرحات التي تصيب الوجه علاجا جهازيا بإعطاء حقن عضلية من مركبات الأنتيموان لمدة عشرين يوما.

 

 

الوقاية:

 

يمكن التقليل من انتشار اللايشمانيا في المناطق الموبوءة باستخدام المبيدات الحشرية للقضاء على ذبابة الرمل، بالإضافة لمكافحة الحيوانات التي تشكل مستودعا لطفيلي اللايشمانيا كالجرذان.

 

بعد الإصابة باللايشمانيا يصبح الشخص منيعا ضد الإصابة اللاحقة بنفس النوع من الطفيلي، لكنه قد يصاب بالأنواع الأخرى.

 

ما زال العمل جاريا على إيجاد لقاح فعال لللايشمانيا، والنتائج واعدة في هذا الخصوص.

 

 

 

الدكتور مهند علي الجندي

استشاري أمراض وجراحة الجلد