الشامة: صفة جمال أم علامة خطر؟

الدكتور عبدالله بن صالح المسعود

 

الشامات بقع جلديه شائعة لا يكاد يخلو جلد الإنسان منها وهي في العادة أمنه وحميدة ونادرا ما تسبب أذى للإنسان او تصبح مصدر قلق له , وعندما تزال فإنها تزال لنواحي جمالية فقط .

إن مصطلح شامه هو مصطلح واحد لتسميات متعددة، فالبعض يسميها خالة أو حبة الخال والبعض يسميها حسنة، ومن المعتاد أن نجد شامه واحده أو أكثر في مناطق الجسم خاصة منطقة الوجه. 

في الآونة الأخيرة كثرت المخاوف لدى الناس من الشامات خصوصا مع انتشار موجة القلق من الاورام السرطانية ورغم ان احتمال تحول بعض انواع الشامات الى اورام سرطانيه هو أمر نادر ومقتصر على أنواع نادرة ومعينة منها وفي بيئات وظروف خاصة.  إلا أن مراقبة الشامة وملاحظتها شيء جميل ومستحسن كما أن وجود خلفية علمية عن الشامة هو امر مطلوب وضروري  .   

 

 

فما هي الشامات؟

الشامات هي آفات جلديه ملونه تظهر على أي جزء من سطح الجلد وخاصة الوجه وهي ذات مظاهر مختلفة ومتنوعة، فقد تكون مسطحه وقد تكون بارزه قد تكون واحده وقد تكون بأعداد كبيره وقد تظهر من الولادة وقد تظهر بعد ذلك وهي تختلف في الحجم والشكل والارتفاع من شخص لأخر، وهذا يعتمد على العوامل الجينية والوراثية والبيئية للإنسان ويعتمد ايضا على نوعية النسيج الذي نشأت منه الشامة.

تتكون الشامة بسبب نشاط في نمو الخلايا الملانيه حيث يحدث نمو وانقسام سريع فيها وهذي الخلايا هي التي تصنع مادة الميلانين وهي المادة التي تكتسب الشامة لونها منها، وفي البداية تكون الشامة مسطحة الشكل وذات لون بني فاتح الى انها مع الوقت يزداد حجمها وتصبح بارزه ويتغير لونها فيزداد غمقان اللون وقد تصبح سوداء وقد تكون باهته وبعضها قد ينبت فيها الشعر والبعض الآخر لا،  وفي أحيانا أخرى قد تضعف الشامة ويختفي لونها نهائيا.

من الممكن ان تظهر الشامات في أي مكان بالجسم بما فيها فروة الرأس ومناطق الثنايا وتحت الأظافر كما انها تظهر بأحجام مختلفة فقد تكون صغيره جدا بحجم الدبوس وقد تكون كبيره جدا بحيث تغطي المنطقة كامله على انها في الاغلب تتراوح بين نصف الى واحد سم في الحجم اما بالنسبة للعدد للشخص الواحد فقد تكون شامه واحده فقط وقد تكون عشرات الشامات الا انه في المتوسط يتراوح العدد بين 10-40 شامة، وهذا العدد قد لا يظهر مرة واحده وانما يظهر على مراحل حياة الإنسان.

تتحدد أماكن الشامات ويكتمل ظهورها لدى الإنسان في مرحلة العشرينات فهي قد تكون موجوده عند الولادة وقد يتم اكتسابها بعد ذلك لكن معظمها يظهر خلال العشرين سنه الاولى غير ان بعضها ممكن ان يظهر بعد ذلك  مع الاخذ ان هناك عوامل قد معينه قد تزيد من عددها مثل التعرض لأشعة الشمس كما ان التغيرات الهرمونية اثناء البلوغ و الحمل والشمس وبعض الأدوية مثل الكورتيزون وحبوب منع الحمل قد تساهم في زيادة لونها وحجمها.

 

أنواع الشامات

الشامات ليس نوع واحد بل هي عدة أنواع وهنا يجدر التطرق الى انواع الشامات لان الفكرة العامة لدى الناس عن الشامات هي النوع الشائع  فقط .

من أبرز انواع الشامات ما يلي:

1- الشامة الصبغية المكتسبة



 

وهي النوع الذي يتبادر للذهن عند إطلاق مصطلح شامه وهو النوع الأوسع انتشارا والذي يبدأ أثناء الطفولة ولا يظهر عند الولادة وهذا النوع هو النوع الحميد ونادرا ما يتحول إلى أورام سرطانية.

 

2- الشامة الصبغية الخلقية

  تحصل عند حوالي 1-3% من المواليد فقط، وتظهر عند الولادة أو بعدها بقليل وهذا النوع يتراوح حجمه من مليمترات إلى أحجام كبيره قد تتغطي معظم الجسم وهذا النوع ترتفع فيه نسبة التحول إلى أورام سرطانية إلى 5% من الحالات ويفضل إزالتها إذا أمكن.

 

3- الشامة الهالة

في هذا النوع تظهر الشامة محاطة بحلقه بيضاء وهذا النوع أكثر شيوعا عند الأطفال والمراهقين وفي الغالب فان الشامة تكون حميده إلا أنه لا بد من مراجعة الطبيب للتأكد من سلامة الوضع.

 

4- الشامة الزرقاء

تبدو هذه الشامات العميقة باللون الأزرق. وهي شائعة جدا بين بعض الأطفال الهنود الغربيينِ وهذه الحالة نادرة.

 

5- الشامة الشاذة

 

وهي عبارة عن شامات ذات خصائص غير اعتيادية تثير الشك في كونها شامات غير حميدة حيث تكون حدودها شاذة وغير محدده ويكثر ظهورها لدى العائلات التي عندها تاريخ من الورم الميلانيني الخبيث وهذا النوع من الشامات في الواقع حميد لكنها تحتاج للمراقبة والفحص الدوري المستمر .

 

المضاعفات وعلامات الخطر في الشامة:

قد يكون من الخطأ اعتبار الشامة صفة جمال فقط والاعتقاد بأنه لا يوجد مضاعفات لها وعلى الرغم من أن الشامات المكتسبة هي في أغلب الأحيان ذات مسلك حميد ولا تستدعي القلق ولا يتم إزالتها إلا لأغراض تجميليه، إلا إنه في أحيانا نادرة قد تحمل الشامة علامات الخطر ويكون من الضروري إزالتها وهذه العلامات هي

1-  زيادة الحجم بشكل سريع وظهور الحواف بشكل بارز

2-  تكاثر الشامات بشكل سريع وبأعداد كبيره

3-  عدم انتظام حدود الشامة

4-  اختلاف تجانس اللون في الشامة أو تبدل لونها

5-  حدوث نزيف فيها

6-  حدوث تقرحات أو جروح

7-   وجود الم أو حكه

8-  ظهور الشامات بعد سن العشرين

 

إن وجود هذه العلامات لا يعني أن الشامة غير حميدة إلا انه يستدعي فحصها من قبل الطبيب والتأكد من سلامتها وقد يكون من المحبذ إزالتها أحيانا

ومن الجدير ملاحظته أن بعض الشامات المكتسبة في أماكن الاحتكاك مثل اليدين والقدمين والمناطق التناسلية أو مع إزالة ونزع الشعر  قد يحصل تغيير فيها نتيجة عملية الاحتكاك الحاصلة فيها وهذه التغيرات هي طبيعيه ولا تستدعي القلق ولا داعي لإزالة الشامات من أجلها.

بالنسبة للشامات الخلقية التي تظهر مع الولادة فهذا النوع احتمالية  تحوله إلى أورام سرطانية موجود وكبير وهذا النوع يتميز بحجمه الكبير ووجود شعر فيه وفي الحقيقة فانه من الأفضل إزالة هذا النوع من الشامات ما أمكن لغرض جمالي أولا ولاحتمالية تحوله إلى أورام غير حميدة ثانيا خاصة عندما تظهر بروزات على سطحه أو يحدث تغيرات في لونه أو تقرحات وجروح.

 

التشخيص والعلاج

 طبيب الأمراض الجلدية هو الطبيب المختص الذي بإمكانه تشخيص الشامة ومعرفة سلامة وضعها وما هي الخطوات التي يجب عملها.

ان المعاينة المباشرة للشامة تسمح للطبيب بمعاينة مظاهر الخطر فيها واستبعادها وعند وجود شك في سلامتها  فان التشخيص الدقيق يتم عن طريق إجراء تحليل نسيجي وهنا يتم اتخاذ قرار إزالتها من عدمه .

إن الشامة العادية المكتسبة لا تحتاج إلى أي علاج فهي لا تسبب أي خطر وقد يكون وجودها أحيانا علامة جمال لكن قد يحدث أن تتم الرغبة لإزالة الشامة لأي من الأسباب ألأتيه:

·         وجود الشامة في مكان غير مرغوب

·         أن يكون حجم الشامة كبير أو أن يكون عددها مشوه

·         أن يكون مظهر الشامة غير محبب أو أن ينبت فيها شعر غير مرغوب

·         أن تسبب الشامة ألما موضعيا أو أن تنزف خاصة عندما تكون في مناطق الاحتكاك

·         أن تظهر على الشامة علامات الخطر ويحدث فيها تغيرات مقلقه

·         أن تكون الشامة من أنواع الشامات المحبذ إزالتها

 وهنا تكون خيارات المعالجة متعددة وتشمل :

أولا: الجراحة          

الجراحة هو الطريقة المفضلة لإزالة الشامة وهي الطريقة التي يزول فيها خطر بعض الشامات بمجرد استئصالها كاملا، وعادة لا تعود الشامة إلى الظهور بعد استئصالها ولكن هناك فرصة 10% أن تعود الشامة للظهور خلال السنوات اللاحقة إذا تم إزالتها بطريقة غير صحيحة، وبقيت بعض الخلايا، فسوف تظهر من جديد. وأحيانا يمكن أن تعود بلون أغمق من الخال الأصلي.

 

 

 

 والإجراء الجراحي قد يترك ندبة بسيطة، حسب حجم وموضع الشامة ، وهذا الأثر من الممكن التخفيف منه بالليزر فيما بعد وببعض المستحضرات التجميلية.

إن الخيارات الجراحية تشمل:

        

1-  إزالتها بالكشط

طريقة الكشط تعني إزالة الطبقة السطحية للشامة وهنا يقوم الطبيب بتخدير الجلد باستخدام مخدر موضعي ومن ثم يتم إزالة الجزء البارز من الشامة بالمشرط ومن ثم يشفى الجرح مخلفاً علامة بيضاء مسطحة وأحيانا يبقى الجلد تماماً بلون الشامة الأصلية بس بدون بروز.

لا ينصح باستخدام هذه الطريقة لعملية استئصال الشامة المكتسبة وذلك لأن عملية الكشط قد تترك بعض الخلايا الصبغيه التي تعاود النشاط والنمو مره أخرى بينما يتم استخدامها بشكل أساسي لعلاج الشامات الخلقية حيث يتم إزالة اكبر قدر ممكن من الجلد لتقليل التشوه الحاصل للطفل منها ويفضل إجراؤها بعد الولادة مباشره مع ملاحظة احتمالية معاودة الظهور مره ثانية.

 

2-   إزالتها بالاستئصال

طريقة الاستئصال الجراحي هي الحل الأمثل والأنجع للتخلص من الشامة ويتم إجراء هذه الطريقة عندما تكون الشامة مكتسبه ومزعجه جماليا أو إذا كانت مكتسبه وهناك شك في أن تتحول إلى ورما قتامينياً  حيث يتم إزالة كل الطبقة الجلدية ومن ثم يخاط الجرح ويرسل الجزء المزال للمختبر للقيام بعملية فحص مجهريه للنسيج للتأكد من سلامته وتخلف إزالة هذه الشامة خطا رفيعاً ولكن قد يكون أحيانا أكثر وضوحاً مما كانت عليه الشامة.

كما أن طريقة الاستئصال الجراحي قد يتم استخدامها للشامات الخلقية ولكن كون المناطق المزالة تكون كبيره فانه قد يتم عملها على مراحل و يتم ترقيع المنطقة بجلد طبيعي يؤخذ من المريض ذاته بطريقة خاصة.

 

ثانيا: الكي الكهربائي

 الكي الكهربائي طريقه فعاله لإزالة الشامة حيث يتم حرق الشامة بواسطة أداة خاصة كهربائية خاصة دون الحاجة إلى خياطة الجرح لأن الجرح سيشفى تدريجا لوحده ولكن بالطبع سيبقى أثر محل التئامة.

 

ثالثا: الليزر

الليزر المستخدم هنا ليس ليزر التصبغات فهذا النوع من الليزر لا يفيد في الغالب في معالجة الشامات خاصة البارزة منها  وإنما يتم استخدام  ليزر الحرق حيث يكون دور الليزر هنا هو ختم الأوعية الدموية وإزالة النسيج بالتبخيرِ، وهنا كما هو في عملية الكي الكهربائي لا توجد حاجة للخياطة وإنما يترك الجرح ليلتئم من نفسه مع ملاحظة انه في حالة الليزر قد يحصل تناقص لنسيج الندبة المرئي باستعمال هذه الطريقة.

 

رابعا  خيارات أخرى

عندما لا يرغب الشخص بأي من طرق المعالجة السابقة وكان وجود الشامة مزعج له فانه من الممكن أن يلجأ للمستحضرات التجميليه لإخفائها كما يمكنه الاستعانة بكريمات الوقاية الشمسية لمنع انتشار وزيادة عدد الشامات وعندما يكون منزعجا من الشعر الموجود على بعض أنواع الشامات فإنه بإمكانه إزالته بالحلاقة أو الليزر.

 

 

 

 

 

 

 

 

التوصيات وطرق الوقاية:

 

هناك توصيات ونصائح متعددة يجدر الحرص عليها خاصة مع وجود شامات مقلقه او شامات تحمل علامات الخطر او عندما يكون هناك تاريخ عائلي مرضي للشامات وخصوصا عند ذوي البشرة البيضاء ومن اهم التوصيات ما يلي: 

 

تجنب التعرض للأشعة الفوق بنفسجية خاصة وقت ذروتها بين العاشرة صباحا والرابعة عصرا.

 

       

الحرص على ارتداء ملابس وقمصان طويله وفضفاضه تغطي منطقة الشامات وحبذا لو كانت الملابس مصنوعه من منسوجات تقاوم الأشعة فوق البنفسجية كما يفضل ارتداء قبعات لها حواف لكي تحمي الراس والوجه من اشعة الشمس.

 

 

استخدام كريمات الوقاية الشمسية ذات الحماية المناسبة مع الحرص على استخدامها قبل التعرض للشمس بوقت كافي واعادة استخدامها بعد غسيل الوجه او ممارسة الرياضة او السباحة.

 

راقب الشامة باستمرار واحرص على فحص ذاتي للجلد شهريا اذا كان لديك شامات شاذه او شامات لديها علامات الخطر ويحبذا ان يتم فحص المناطق التي لا تتعرض للشمس مثل فروة الراس وتحت الابطين والقدمين والاظافر وما بينهما ومنطقة الثديين والمناطق التناسلية .

 

 

استشر الطبيب إن شعرت بأي تغيير يطرأ على الشامة.

 

                         

الدكتور عبدالله بن صالح المسعود

استشاري طب وجراحة الجلد والليزر